ألمقدمه
خطر لي يا صديقتي العزيزة في غمرة حياتنا هذه, التي تُمكنا من التواصل مع الأخر بشكل مباشر, أن أعود بك إلى زمن المراسلات, كما كان لصديق الرافعي رسائل أحزانه و سحاباً أحمر اللون, و لجبران و مي شعلتهما الزرقاء, فأن عندي حقيقة أُغلفها شيئاً من الخيال ,و خيالاً أُحملته بعضاً من الحقيقة, أُدُعُها برسائل أُرسلها لك أنت يا صديقتي , التى غلفت حقيقتها الواضحة لدي بعضاً من الخيال ,الذى أحب أن أراك عليه, و غالباً ما سأدعي الكتابة لك في وقت الظهيرة ……لغاية في نفسي. لا أسألك رداً على رسائلي و أن حملت طياتها تساؤلات, و لا حتى ألزمك قراءتها من الأصل , كل ما أطلبه أتسمح لي بأن أُراسلك , أُريد أن يصلني الشعور بأني أمارس فن المراسلة بصدق متناهي….ربما ليكون هذا الحقيقة الوحيدة برمة الأمر كله.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
(الرسالة الأولى)
أين كنتِ مني طوال الفترة الماضية؟ حِسُكِ العالي بيّ لم يُعلمكِ بأني قد مرضت؟!! نعم مرضت ! عانيتُ لفترة من نَزلةٍ عاطفيه ,تَدَورَ بيّ رحاها للآن , أطاحت بجنودي , و حاصرت قلب الحكمِ و وَزيرهُ, من جرأتها عليّ سَخِرت من أيامٍ لبست السواد فيها, و أعلنتُها حداداً عليه , فأزاحت رخام النسيان عن قبرهِ و أحياتهُ من مرقدهِ في الذاكرة , أحياتهٌ و وأدت كل نيّةٍ لدي للمقاومة. أكاد أسمع ضحكات انتصاره, مُنتشياً بضعفي و انصياعي, تُجلجل بكل جوارحي , فقد أستباح الكيان كله من مادة و روح , فكلامي يأنف ألا أن يبدأ باسمه , أهاجسُ به بحضور الوعي و بغيابه , وكذا بالنسبة للناس, آه يا صديقتي ما أنفكُ أُناديه , مُحاولةً استحضار صدى صوته في أُذني مُلبياً ندائي , لأستذكر كيف كان ينطق بما لا يأتي بقيمة نصف ما أنطق أنا , يا الله حتى حروف الأبجدية تنصاعُ أليه بما تحمل بكل رضا. و أيامي ماذا عنها!!؟؟ الأمس, كان هو أخر من وضع لماسته فيه, لذا خرج بتوقيعه , وظلالهُ تُرخي سُدلّها على سائر يومي الحالي, ,و على الرغم من كثرة الإطارات التي أُحيط بها غدي المنشود, إلا أنه وجد لنفسه مكاناً مميزاً فيه , تصوري قد توسط لوحات المستقبل كلها , تناغم مع خطوطها المختلفة المتشابكة تارة شديدة الانكسار تارة و اللينة في إنحائها تارة أخرى , يا الله كم يَليقُ بأيامي القادمة و كم تَليقُ هي به !!
هل تعرفين أن النوم هو السبيل الوحيد لأتحرر من سطوته و طغيانه !؟ أجل فلا سبيل له إلى أحلامي,لن يجد قط منفذاً أليها- هذه حقيقة أيقنتُها منذ زمن- فلم يكن يوماً بالنسبة لي حُلماً أُحاول تحقيقهُ في غمار نومي , بل وهماً أُحاول تَجسيدهُ في حياتي بتعاويذ باليه , و أضاحي لا قيمة لها.
" سألتُكٍ مُصارحته من قبل , و إن إقدامك على المبادرة لا يَُضِيمُكِ , ألقي عن كاهلك عباءة الحيرة التي تلفك, لكن ماذا أقول لعنادك الذي طالما تميزت و تفاخرت به,ثم أتيتني مُدعية أنك منذ البدء متوهمة , و شيءً من الابتعاد, و ذاك العزاء الوهمي سَتُرجع أيامك إلى اتزانها , و اليوم ماذا ؟؟ تُطالعني بهذا الكلام !! "
أكاد أسمعك تقولين هذا ….
لقد كنت صادقة بكل شيء منذ أول مرة تناولنا فيها هذا الموضوع حتى أخر مرة , أخلصت النية و عقدت عليها أرادتي بصدق, غير أن …… " الإرادة,والنية المعقودة,ليست لهما الكلمة الأخيرة" هذا ما قاله ميخائيل لرامتٍهِ, و علية أُصبتُ أنا بتلك النزلة و التي لم أعد أدري يا عزيزتي أهي نزلةُ اجتاحتني أم نزوة سعيت لها و مَلكتُها نفسي التي تعرفين و أعرف و تلك التي لا أجرؤ عن البوح بها.