سيارة إسعاف, و شرطة المرور متواجدة أيضاً , السير شبه مُعطل , سيارتان قد
صدمت إحداهما الأُخرى , و أسفرت عن موت أحد السائقين , ومن هنا بدأت المشكلة , و
التي تَعدت حزن أهل الشاب المتوفى على فقدانه , فأسبوعين فقط كانا يفصلانه عن زواجه
بالفتاة التي أحب...و ليس هذا أيضاً مكمن المشكلة بالتحديد , و إنما بعد إن فُجعت
العائلتين و الأقارب و الأصدقاء بالخبر و أنتاب العروس حالة من الانهيار العصبي
وبالتالي اكتئاب حاد عزلها عن الناس , كل من حولها عزى ذلك لفقدها خطيبها و قبل
أسبوعين فقط من زفافهما , إلا إنها تُخفي داخلها سراً كبير و لم يكن في حُسبانها
إن هذا السر سيترجم لحياة نابضة بداخلها, و لن يعود بمقدرها كتمان الأمر أكثر من ذالك
.
يوم فأخر و بدأت أثار الحمل بالظهور عليها , و بقدر سعادتها بأنها حملت
داخلها ما سيربطها بخطيبها المتوفى و الذي أحبت بشدة , كانت ترتعد خوفاً من ردت
فعل أهلها و مدى تقبل أهل خطيبها للأمر ,فهي لم تفعل ما هو حرام شرعاً , فقد كانت
زوجته ( جرت العادة في مجتمعنا على أن يتم عقد القران في مرحلة الخطوبة) و أنما
بالعادات والتقاليد و العُرف المجتمعي فهي مجرمه أيما إجرام.
" الله يسود وجهك مثل ما سودتي وجهنا" يا فضيحتنا بين الناس
" " وين راح نودي وجهنا من بيت عمك , شو راح نقلهم , و شو راح يقنعهم
انه هذا الولد إلهم ",و غيرها من التساؤلات و الإهانات التي انهالت عليها لدى مصارحة ذويها بالأمر
, بكاء و نحيب الأم ملىء المكان , تندب
حظها و حظ أبنتها و أرجعت الأمر كله إلى عين الحاسدين , و ظلت تردد " عين و
صابتك يا بنتي " فيقوم الأب بإسكاتها قائلاً " لو إنك مربيه بنتك منيح
ما وصنا لهـ المواصيل " كأن أمر تربية الأولاد مناط بالأم فقط !!!
دعا والد الفتاه و إخوانها ذوي
الخطيب المتوفى و إطلعوهم بالأمر , " أبنكم رحمة الله علية غلط ما بنتنا قبل
عرسهم و البنت حامل " والد الفتاه
قائلاً (و كأنها لم تكن زوجته شرعاً!!!) , حالة من الذهول أصابت أهل الخطيب المتوفى حائرة
بين القبول و الصديق و إنكار الأمر كله . و ربما في بعض الحالات لا يصل الأمر لأهل الخطيب و يتم مدارة الأمر و التكتم
عليه من قبل أهل الفتاه و كأضعف الأيمان يتم
التخلص من الجنين , و الذي هو بالقانون و الشرع حرام و إنما بالعرف و
التقاليد كل الوسائل مباحة لإخفاء فضيحة و حفظ شرف العائلة و ماء وجهها بين الناس
, و قد لا يكفي هذا فالتخلص ممن قام
بالفضيحة أولى و أوجب .
و قد لا يعترف أهل الشاب بالأمر كله, و لا يستطيع حتى العلم إقناعهم بصحة ما جرى من خلال
تقرير فحص DNA , و فـ مهما كانت أخلاق أبنهم و انضباط سلوكياته , فهي و
بكل تأكيد ذات سلوك منحرف , و سلوك ذو الفتاه المتخاذل يعزز هذا الأمر.
و ما تقيمك أنت للموضوع ؟؟ و على ماذا ستسند في تقيمك ؟؟ و ماذا لو كنت طرفاً في شائكة كذالك , ماذا ستفعل ؟
حكم الشرع لا يُجرم أين منهما, فما جرى بينهم ما يجرى بطبيعة الحال بين أي
زوجين لهم احترامها و تقديرهما بالمجتمع.و بالقانون أيضاً و الذي يستند للشريعة في أحكامه لا يجد ما يُذنبهما عليه ,غير إننا في مجتمع علت فيه أصوات العادات و التقاليد و الأعراف الأجتماعيه
, بما حسُن منها و ما خَبث على كل صوت ,سواء صوت الشرع و العقل و العلم , فإنها دون
سواها مُذنبه , عاصيه تستحق الموت,و إن رأفوا لحالها كان النبذ و تقيد الحرية حتى
في أبسط مسائل الحياة.
هذا جانب من مأساة أكبر و أعمق و هي تغليب ما اعتدنا علية من عادات و
تقاليد في حياتنا و التعامل معها ومع تبعاتها كأمرٍ مسلمٍ به ,غير قابل للنقاش حتى
من منطلق الدين و العقل , و الأدهى من هذا كله إن هناك من ينسب بعض العادات
البالية والتي تتنافى مع كل منطق للدين، حتى يُكسبها شريعة و حتمية الآيتان بها, و
الغريب إننا نجد هذه الممارسات بين صفوف الأميين و الجهلة بنفس القدر الذي نجده
بين صفوف المتعلمين و مدعي الثقافة و الانفتاح على العالم و تقبل الأخر,
ويبدو الأمر كما لو إنه طريق سهل
نسلكه لنحل به تشابكات أيامنا بأقل قدر ممكن من خسران و تشوه بصورتنا الأجتماعية ,غير
عابئين بالقيم و الأفكار و الأرواح التى
نُزهقها في سبيل ذلك.