الأربعاء، 13 يونيو 2012

عرف و عادات و تقاليد



سيارة إسعاف, و شرطة المرور متواجدة أيضاً , السير شبه مُعطل , سيارتان قد صدمت إحداهما الأُخرى , و أسفرت عن موت أحد السائقين , ومن هنا بدأت المشكلة , و التي تَعدت حزن أهل الشاب المتوفى على فقدانه , فأسبوعين فقط كانا يفصلانه عن زواجه بالفتاة التي أحب...و ليس هذا أيضاً مكمن المشكلة بالتحديد , و إنما بعد إن فُجعت العائلتين و الأقارب و الأصدقاء بالخبر و أنتاب العروس حالة من الانهيار العصبي وبالتالي اكتئاب حاد عزلها عن الناس , كل من حولها عزى ذلك لفقدها خطيبها و قبل أسبوعين فقط من زفافهما , إلا إنها تُخفي داخلها سراً كبير و لم يكن في حُسبانها إن هذا السر سيترجم لحياة نابضة بداخلها, و لن يعود بمقدرها كتمان الأمر أكثر من ذالك .
يوم فأخر و بدأت أثار الحمل بالظهور عليها , و بقدر سعادتها بأنها حملت داخلها ما سيربطها بخطيبها المتوفى و الذي أحبت بشدة , كانت ترتعد خوفاً من ردت فعل أهلها و مدى تقبل أهل خطيبها للأمر ,فهي لم تفعل ما هو حرام شرعاً , فقد كانت زوجته ( جرت العادة في مجتمعنا على أن يتم عقد القران في مرحلة الخطوبة) و أنما بالعادات والتقاليد و العُرف المجتمعي فهي مجرمه أيما إجرام.
" الله يسود وجهك مثل ما سودتي وجهنا" يا فضيحتنا بين الناس " " وين راح نودي وجهنا من بيت عمك , شو راح نقلهم , و شو راح يقنعهم انه هذا الولد إلهم ",و غيرها من التساؤلات و الإهانات التي انهالت عليها لدى مصارحة ذويها بالأمر , بكاء  و نحيب الأم ملىء المكان , تندب حظها و حظ أبنتها و أرجعت الأمر كله إلى عين الحاسدين , و ظلت تردد " عين و صابتك يا بنتي " فيقوم الأب بإسكاتها قائلاً " لو إنك مربيه بنتك منيح ما وصنا لهـ المواصيل " كأن أمر تربية الأولاد مناط بالأم فقط !!!
دعا والد  الفتاه و إخوانها ذوي الخطيب المتوفى و إطلعوهم بالأمر , " أبنكم رحمة الله علية غلط ما بنتنا قبل عرسهم و البنت حامل "  والد الفتاه قائلاً (و كأنها لم تكن زوجته شرعاً!!!) , حالة من الذهول أصابت أهل الخطيب المتوفى حائرة بين القبول و الصديق و إنكار الأمر كله . و ربما في بعض الحالات لا يصل الأمر لأهل الخطيب و يتم مدارة الأمر و التكتم عليه من قبل أهل الفتاه و كأضعف الأيمان يتم  التخلص من الجنين , و الذي هو بالقانون و الشرع حرام و إنما بالعرف و التقاليد كل الوسائل مباحة لإخفاء فضيحة و حفظ شرف العائلة و ماء وجهها بين الناس , و قد  لا يكفي هذا فالتخلص ممن قام بالفضيحة أولى و أوجب .
و قد لا يعترف أهل الشاب بالأمر كله, و لا يستطيع حتى العلم إقناعهم  بصحة ما جرى من خلال تقرير فحص  DNA , و فـ مهما كانت أخلاق أبنهم و انضباط سلوكياته , فهي و بكل تأكيد ذات سلوك منحرف , و سلوك ذو الفتاه المتخاذل يعزز هذا الأمر.
و ما تقيمك أنت للموضوع ؟؟ و على ماذا ستسند في تقيمك ؟؟ و ماذا لو كنت طرفاً في شائكة كذالك , ماذا ستفعل ؟
حكم الشرع لا يُجرم أين منهما, فما جرى بينهم ما يجرى بطبيعة الحال بين أي زوجين لهم احترامها و تقديرهما بالمجتمع.و بالقانون أيضاً و الذي يستند للشريعة في أحكامه لا يجد ما يُذنبهما عليه ,غير إننا في مجتمع علت فيه أصوات العادات و التقاليد و الأعراف الأجتماعيه , بما حسُن منها و ما خَبث على كل صوت ,سواء صوت الشرع و العقل و العلم , فإنها دون سواها مُذنبه , عاصيه تستحق الموت,و إن رأفوا لحالها كان النبذ و تقيد الحرية حتى في أبسط مسائل  الحياة.
هذا جانب من مأساة أكبر و أعمق و هي تغليب ما اعتدنا علية من عادات و تقاليد في حياتنا و التعامل معها ومع تبعاتها كأمرٍ مسلمٍ به ,غير قابل للنقاش حتى من منطلق الدين و العقل , و الأدهى من هذا كله إن هناك من ينسب بعض العادات البالية والتي تتنافى مع كل منطق للدين، حتى يُكسبها شريعة و حتمية الآيتان بها, و الغريب إننا نجد هذه الممارسات بين صفوف الأميين و الجهلة بنفس القدر الذي نجده بين صفوف المتعلمين و مدعي الثقافة و الانفتاح على العالم  و تقبل الأخر,
 ويبدو الأمر كما لو إنه طريق سهل نسلكه لنحل به  تشابكات أيامنا بأقل قدر ممكن من خسران و تشوه بصورتنا الأجتماعية ,غير عابئين  بالقيم و الأفكار و الأرواح التى نُزهقها في سبيل ذلك.







هناك تعليقان (2):

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. ما يحدث بين الطرفين في فترة ما بين العقد والحفله اللي بنسميها عُرس حلال شرعاً بس اذا حدث في مجتمعنا فهو مصيبة عظمى خاصة بوجود الحمل

    ردحذف