الأحد، 19 فبراير 2012

توم آند جيري!!!



و بعد إن كَبرنا اليوم , و خالط البياض لون الشعر , و زاحمت خطوط العمر ملامح الوجه , ما عاد لنا إن نلهو بألعاب الطفولة , و التي كانت في حينها مَبعثاً للسعادة والفرح للقلوب الصغيرة النقية, ألعاب غارقة بالبراءة و البساطة, غير إن لعِبنا فيها اليوم تُشكلت خطراً, فقد تَجرح , تكسر , تَقتل...و من دون إن تُريقَ نقطة دماً  واحدة.
ففي صغرنا عشقنا و تعلقنا أشد التعلق ب " توم آند جيري" مُطاردات متواصلة بين الاثنين , لا تدري من المُعتَدِي من المُعتدَي عليه , فهاهو  توم يُطارد جيري , و يُحِيكُ له المكائد و ينصبُ لهُ المصائد , و تارةً نرى العكس تماماً , جيري يَتسيدُ الموقف , يبسط قبضته على  توم ....و هكذا هو الحال توم و جيري ....جيري و توم  , تبادلٌ لا نهائي للأدوار, لا يَصلُ بكَ لنتيجة ثابتة و واضحة , طبعاً حينها لم يكن يَعنينا سوى الاستمتاع بمقالب أحدهما للأخر , و الضحك ملء القلب.
إما اليوم إذا قررت إن تَسلُكَ هذا النهج في حياتك فقد تتعب, و تُرهق من حولك الذين يجاريُنك َ لعبك هذا , و قد يتخلى آخرون عنك لعدم رغبتهم  بالعيش و التواصل معك من خلال هذه المنظومة اللانهائية  التي تكون فاعلاً فيها  و مرة مفعولاً به , و النتيجة ..لا شيء, الدوران في حلقة مفرغة , فارغة المضمون , و خُسران لوقتٍ, ناهيك عن كَمّ الانفعالات الغير مُبرره , و حالة الترقب و التأهب التي تستنزف كل خلية نابضة بالحياة داخلك , يُخَال لك إنك في حرب ...نعم هي حرب....ما كان مصدراً للمتعة و التسلية في الصغر , إذ نحن نهجناهُ في مَكبرنا صار حرباً نفسيه و تحرق الأعصاب على بُرُودتها.
قد لا يكون لك يد بالموضوع , فقد تجد نفسك و قد أُغرِقتَ في دوامة " توم آند جيري " قصراً من قِبَلِ عزيزاً على نفسك , فلا سبيل لديك سوى التصدي لمناوراته و مناوشاته بأعنف و أقوى مع الحفاظ على برودة الموقف و تجمُدهِ, و عليه بمرور الوقت ستجد نفسك و قد أصبحت محترفاً اللعب أيما احتراف , و هكذا دون إن تصل لنتيجةٍ معهُ أو مع نفسك.
هناك قاعدة جميلة جداً في الرياضيات, و هي إن أقصر مسافة بين  نقطتين  هو الخط المستقيم , فادّع عنك مطاردات "توم و جيري"  اللولبية  و أقصِد بخُطى مستقيمة لِمُبتغاك, أيما كانت ماهيتهِ.....فلصغار ألعابهم لتحلو  الحياة بنظرهم ,و للكبار أساليبهم لتستوي الحياة بنظرهم .



هناك 4 تعليقات:

  1. انا فعلا حاسه انهم كانوا بيدربونا على الحياه ب"توم اند جيرى" حياتنا دلوقتى شبههم اوى
    يوم ليك ويوم عليك وياهتكسب يا هتخسر استحاله الكل هيطلع كسبان

    فكرتها حلوه :)

    ردحذف
    الردود
    1. شكراً لك ع الأضافه الرائعة ....فعلاً حياتنا شبه توم و جيري مناورات و مطاردات طول الوقت و على اي شي....شكراً مره ثانيه :)

      حذف
  2. ورغم ان دة يشبه عالمنا كثيراً

    ولكن انا ذنبي ايه مكنتش بحب توم اند جيري بالشكل اللى يخلينى اخلي حياتى زيهم
    لما بفتكرهم بالمقالب بالرغبه المستوحشه في ان واحد يقضي علي التانى بس في اللعب بحس ان لو كانت حياتنا كده هيكون خطأ كبير مننا اننا نسيب كل اللى وفروا ربنا لينا ونفضل نلعب اللعب دة علي بعض :)

    تحياتى الفكرة جميله جدا :)

    ردحذف
    الردود
    1. معاك حق و هذا الي دفعني لأكتب هذة الخاطرة ...مللت من الناس الذين يَحُمون هو ما يردون بأسلوب المناورة...و قلب الأدوار كما هو حال توم مع جيري ..و جيري مع توم ...و هذا ما أرفضه بتاتا ...الحياة أقصر من أن نُضيعها بين الأخذ و الجذب دون جدوى ....تحياتي لك و شكراً ع الأضافه القمية من حضرتك :)

      حذف